ديوان ويكون عشقه النور في الميزان
محمد شعو
ديوان ويكون عشقه النور في الميزان
محمد شعو
على الغلاف الأخير لديوان "ويكون عشقه النور " العبارة التالية للدكتور محمد سلوي : إن ولادة قصيدة من قصائد هذا الديوان أو من غيره مما كتب الشعراء الكبار هي ولادة مثيرة كولادة الإنسان…ويفهم من هذا الكلام أن الدكتور مصطفي سلوي يضع صاحب الديوان محمد زروقي ضمن لائحة الشعراء الكبار، أي أن أشعاره متكاملة لا أخطاء عروضية أو لغوية أو نحوية أو ركاكة فيها؛ إنه يبدو لأول وهلة إطراء من الدارس للشاعر، لكن وبعد الاطلاع على الديوان وجدتني محاصرا بمجموعة من الأسئلة أهمها : هل قرأ الدكتور سلوي الديوان حقا؟ لماذا هذا السؤال ؟ لأنني صدمت، وأصل الصدمة التقديم الاستعراضي الأشهاري غير المسؤول الذي كتبه الدكتور، والذي يتنافى مع المستوي الهزيل "لقصائد" الديوان
. وقبل أن أتطرق إلى مواطن الهزال فيه والمتمثلة فيما يلي: الأخطاء العروضية والنحوية وركاكة التعبير والسرقات. لابد من الوقوف عند هذه المقدمة الغريبة التي أتحمل مسؤولية وصفها بالمضللة، والتي بعد أن قرأتها مرات رجحت أن الدكتور قرأ الديوان فعلا لكنه لم يكتشف مابه من هنات ،ودليلي على ذلك أنه هو نفسه ارتكب أخطاء نحوية ولغوية منها قوله:
"كان لقاء ممتعا بأربعة عشر نصا من شعر التفعيلة ونصا (كذا) آخر عموديا (كذا) "(ص8) وقوله "النصوص الخمس عشر" (ص9) . وقوله "…على موعدبشعر جميل" والصواب :
على موعد مع . بالأضافة إلى عدم تمييزه الشعر العمودي من التفعيلي في الديوان حين اعتبره مشتملا على نص عمودي واحد سهُل عليه تعرف شكله لأن محمد زروقي كتبه في شكل صدور وأعجاز وهو نص"إشراقة"(ص9) ولو تأمل الدكتور جيدا وهو "العاشق لنصوص الشعر قراءة وتأملا" كم زعم في الصفحة (9)، لاكتشف أن نسبة كثيرة من النصوص جاءت في شكل عمودي مجزوء وإن كان صاحبها عن وعي أو عن غير وعي- كتبهافي شكل يوحي بأنها تفعيلية كقوله :
(ص:18-9) وأنت البدرُ منــوار ومثلك زينــة الأقمار وكل النجم يهواكـا بكون الواحد القهــــار فلا تجهد على رُوحي بما تأتي من الأشعــار ولا تغلظ على قلبي بما تفضي من الأسرار والآن أليس هذا من مجزوء الوافر؟ أنحكم عليه بأنه تفعيلي فقط لأن "الشاعر" لم يحسن كتابته؟ ومثل ذلك كثير وليعُد الدكتور إلى الصفحات التالية (20- 21- 24- 25- 97) وليُعد ترتيب الصدور والأعجاز ليقف على زلته التي لا يحق لدكتور في الأدب ارتكابُها.
ويبدو أن الشاب محمد زروقي نفسه لا يتحكم في انسياب نصوصه وخروجها من الشكل الحر إلى العمودي المجزوء. ومن التناقضات التي تعج بها هذه المقدمة أن صاحبها متأكد- قبل قراءة الديوان- من أنه "على موعد جميل بشعر جميل" فكيف استطاع الحكم على ما لم يقرأ بعد؟ وكيف تحول "الشاعر الكبير محمد زروقي" إلى شاعر"يشق طريقه في رحاب الكلمة" (ص:8) ومن المغالطات أن يزعم الدكتور مصطفى سلوي أن الشاب محمد الزرقي قارئ متمكن لأشعار الشعراء الكبار المغاربة المعاصرين، وعلى رأسهم –وفق ترتيبه- حسن الأمراني، محمد علي الرباوي و،عبد الكريم الطبال وأحمد مفدي ،محمد الميموني وأحمد بلحاج أية وارهام وإدريس الملياني وأمينة المريني(….)وبهاء الدين الأميري ، وصلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي وبدر شاكر السياب وغيرهم(ص:10-11)، وقوله أيضا :
أعرفه شغوفا بأشعار القدامى، مغرما بكتابات المتصوفة والحكماء والزهاد،جامعا لطرائف أولئك وقلائد هؤلاء مهتما بحسن بيانهم وبلاغة منطقهم ،فمن كل هذا وغيره كانت قصائد هذا الديوان(ص. (11 معنى ذلك أن الشاب الزروقي يستلهم أشعار تلك الأصوات ويستفيد منها ؛وهذا ما لا وجود له في الديوان. وإلا فلماذا لم يبين الدكتور مواطن هذه الاستفادة؟ هنا كان ذكيا بعض الشئ ،إذ سبق له أن صرح بأن مقدمته هذه :“استعراضية تهتم بتقريض الكتاب وإشهار محاسنه،دون الدخول في تحليل مضامينه أونقدها ،فذلك من اختصاص التقديم التحليلي أو النقدي “(ص7_8).
لكن مثل هذا الكلام لا يقنع القارئ الذي ينتظر من دكتور ناقد أن يكون وسيطا موضوعيا بينه وبين النص المدروس . وقبل أن أتطرق إلى مواطن الضعف في الديوان ،أقول بكل موضوعية وصدق :إنه براء مما وصفه به الدكتور مصطفى سلوي ،ولا علاقة له بإنتاجات هؤلاء الأعلام. والآن ،وبعد تناول المقدمة ، أنتقل إلى نصوص الديوان لأبحث عن “بيان وبلاغة ومنطق أشعار القدامى والمتصوفة والحكماء والزهاد …“ إن أول انطباع يخرج به قارئ ديوان “ويكون عشقه النور“ هو أن الشاب محمد زروقي حاول فعلا شق طريقه ، ونحن ندعــو له بالتوفيق ، فهو يكتب نصوصا تجمع بين التفعيلي والعمودي وأغلبه على مجزوء الوافر ،وهي نصوص غنائية واضحة المعنى تشعرنا في أحيان كثيرة أن الشاب في طور تعلم الكتابة.
يقول: وقلبي جريح ووصبري قليل ونادى مناد فؤادي الضليل لماذا تحب الذي لا يدوم ويوما يعد الرحيل الرحيل(ص:14) ويقول : أنا العاشق أنا المغروم، أنت الحب ذوبه وهل ..هل يقتل المغروم من شئ سوى الحب(23) ويقول: حبيبا كن.. خليلا كن.. حميا كن.. قويا كن.. جميلا كن.. حليما كن.. براقا كن…-(43) سأكون موضوعيا في التعامل مع هذا الديوان وسأحاول أن أنبه الأخ محمد زروقي إلى الهنات التي ما كان عليه ارتكابها ،خصوصا أنه معلم للغة العربية، ويحضر رسالة دكتوراه وطنية تحت إشراف كاتب المقدمة الدكتور مصطفى السلاوي ،وليس دكتورا بعد ،كما وصفه الأخير بقوله: “…الأستاذ الدكتور محمد زروقي“ (ص:8). وأول هذه الهنات ¬–كما أسلفت- الأخطاء العروضية، وأبرزها اختلاسه بعض الحروف في المواطن التي لا يجوز فيها ذلك
: - ولست الداني من حجبي (ص16) - أتوق إليها في السر(ص:24) - فأنت الأولى في القلب (ص28) - وأنت الأخرى في العمر(28) - كنت اصطفيتك كي تكوني مجيرتي(ص30) أما الأخطاء النحوية فهي
: - ويُرووا من هو الكأس (ص26) “هــــو“ ضمير خاص بالرفع ،فلم أدخل عليه حرف الجر؟؟؟؟؟ وقوله: - على خل وحيد هو ومقرور(ص45) وهنا أسأل الشاب زروقي المعلم عن محل “هو“ من الإعراب ؟؟؟؟ هذا الضمير الذي أكثر اللجوء إليه لترميم السياق العروضي !! وقوله
: - لأهواك (!!!) (ص65) والصواب لأهوينك( بنون التوكيد) وقد تكرر هذا الخطأ في الصفحة (92)، وهنا أدعــو محمد زروقي إلى الرجوع إلى باب “بناء وإعراب الفعل المضارع“
. - إن تعـــدو (78) “وإن“ هنا شرطية !!! - أحقا لست تهويني (ص93) والصواب تهوينني !!! أما ركاكة التعبير فقد ساهمت فيها عوامل عدة منها أن الأخ زروقي حاول تفادي السقوط عروضيا فأقحم بعض الحروف والكلمات جاهلا قواعدها ،ومنها ما ذكرناه من إقحام “هـــو“ في الجمل السابقة
… وقوله : - تُطهــر ما من الدرن. (ص19)، أليس من حقنا أن نتساءل عن طبيعة هذا التركيب !! لقد أنقذ العروض و سقط في الركاكة . وقوله
: - ما سُلطان حُكام فلولا سُلطة العرش(ص21) ، فقد أقحم الفاء إقحاما عشوائيا لا معنى له !وتكرر ذلك في الصفحات (23-24). وقوله: - جوابي –نعم- يكفيكم .
(29) وتكرر هذا التركيب في الصفحات: ( 45-93-96-) وهنا أدعو الأخ زروقي، مرة أخرى، إلى مراجعة باب“ نعم“ و“بئس“ ليعرف قواعد استعمالهما . ولنتأمل هذا التعبير المنفر
: - وذاك الجوز في ذي جبة السمنون (62) وأنهي الحديث عن هذه الهنات –التي لا تليق بمعلم مسؤول عن تدريس العربية – ببعض الأخطاء الإملائية واللغوية بعجالة
: - شـــدا الأطيار(20)، والصواب شــدو - المكضوم (59)، والصواب المكظوم . - تكســـي العاري (60 )، والصواب تكســـو. - فلا تفشي بذي الكرب(80) والصواب أن أفشى يتعدى مباشرة من دون حرف جر!! وننتقل الآن إلى السرقات التي اعتمدها محمد الزروقي ،ونبدأ بسطوه على عبارة “نزار قباني الشهيرة“:
“إنتقي أنت المكان “ فقد غير الكلمة الأخيرة قائلا :إنتقي أنت الزمان . (ص 34). وأخذ عبارتين من ديوان أول المنفى للشاعر علي العلوي ،هما
: - هل للموت خاتمة؟(33)وأنا المكان أنا الحكاية (34)، وقد أدخل على العبارة الأولى تغييرا، فقال هل للموت ذاكرة؟(37).والشئ نفسه قام به في العبارة الثانية فقال: “فأنا المكان أنا الزمان (50). وأستطيع أن أقول إن هذا المأخذ الأخير يمكن تجاوزه ، على اعتبار محمد زروقي بتعبير أستاذه صاحب التقديم ،ما زال يشق طريقه.إلا أن ما يجب عليه فعله تعميق قراءاته فعلا ،والاهتمام بالجانب اللغوي، والابتعاد عما أسميه “السذاجة النظمية“ التي ينضح بها الديوان.
وحتى لا يُظن أننا نظلمه ،نورد مثالا لذلك: فما عادت مآذننا كما كانت مآذنهـــــــــم وما قالت صوامعنا كما قالت صوامعهم وما نادت مساجدنا كما نادت مسـاجــدهم فلم تخشــــوا مآذننا كمـــا خفتـــم مآذنهم وما خفتم صـــوامعنا وقــدرتم صوامعهم وما صنتـم مساجدنا ووقـــرتم مساجــدهم وهذه الأبيات المجزوءة مما اعتبره الدكتور مصطفى سلوي حـــرا فليراجع كلامه . هوامش: 1-محمد زروقي ،مؤسسة النخلة للكتاب ، وجدة ،2005. 2- مؤسسة النخلة للكتاب .وجدة 2004.
ملحوظة: كتب المقال مباشرة بعد صدور الديوان. وكان زروقي حينها –حسب علمي- يحضر رسالته
محمد شعو: شاعر وناقد مغربي محمــــد شعـــو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أكتب تعليقا مم تخاف؟