المهلـــــــوســــــون الـــــــجدد

الخميس، 5 أبريل 2012

السروال سلالة/خديجة المسعودي تحت مجهر الهلوسة






حروفي البسيطة بين أيديكم، نقدكم، هلوستكم

السروال سلالَة/خديجة المسعودي

هدأت الأغاني، توقف الرقص وشلت الألسن المزغردة، الكل يمسك قلبه بقلق، الكل ينتظر ويترقب بأعين خائفة، المراهقات يبتسمن في همس راغب ومرتعب من مثل هذا اليوم. بعد أن أدخلوهما إلى غرفة معطرة بماء الورد، تحت الرقص والتطبيل وكلمات أغان تحثهما على تبييض الوجه. الكل هادئ، البعض يراقب الساعة ويتساءل كم من الوقت سيستغرقان، و البعض الاخرقرفص بالقرب من الغرفة يسترق السمع. لا شيء سوى الصمت. مرت د...قائق وأنصاف ساعات ثم ساعات من الصمت والإنتظار. العجائز بدأن يتغامزن من الخوف، وابتسامات صفراء من أهل العروس تتملق كسر القلق.
كنت أنا الطفلة الشقية التي لا تحب أن يفوتها شيء، خصوصا إن كانت من ينتظرها الجميع هي شقيقتي، كان يجب أن أعلم مالذي يحصل بالداخل. أخطط كيف يمكنني رؤية ما يعجز الاخرون عن رؤيته؟ كيف يمكنني ذلك والغرفة محكمة الإغلاق؟ فجأة تذكرت شباك التهوية الصغير أعلى الجدار الخلفي للغرفة، بحثت عن كراس وأشياء أصعد فوقها، وفي غفلة من الجميع تسللت. بمشقة وحماسة، استطعت الصعود وحشر عيني بنهم، شعرت أنني تمثال من الجليد بعدما وقعت عيناي عليهما، انتفضت من عز رعشتي الباردة وقفزت مسرعة إلى أمي:
-أمي أمي أمي...
-ماذا هناك؟ مابك تلهثين ووجهك أصفر وكأنك رأيت شبحا؟
-رأيت... رأيتهما...
-ماذا رأيتِ؟
-أقسمي أولا أنك لن تضربيني
-تكلمي وإلا صفعتك حالا ماذا رأيتِ أيتها العافية الحمراء؟
-العروسان...
سحبتني أمي بغضب وخوف إليها
-يا ويلي شششششش إخرسي يا العافية سوف تفضحيننا اخفضي صوتك وأخبريني ما بال العروسين وكيف رأيتهما ؟
-العروسان يا أمي نـ... نائمان.
-ياويلي يا ويلي، نائمان ؟؟؟؟ وهل هذا وقت النوم ؟
أسرعت أمي بلهفة نحو الشباك الصغير، بعد أن أوصتني بحراسة المكان، حشرت وجهها بصعوبة حتى أصبح داخل الغرفة منادية شقيقتي بصوت حفيفي:
-استيقظي يا بنت المفضوحة، استيقظي يا شماتتة البنات، استيقضي يا سبب جنوني...
استيقظت العروس وقالت ببرود يتتاءب في وجه أمها الأصفر:
-ليس الان يا أمي كان نهاري طويلا وأنا متعبة سنفعل ذلك غدا..
-القرية كلها تنتظر وأنتما نائمان؟؟ خرجو ليا الدم ...خرجو ليا الدم يا ....وإلا ذبحتك وجعلت من دمك ماء وجهي.
نهضت العروس بقميص نومها الأسود، أخدت إبرة ووخزت سبابتها ثم مسحتها "بالثوب الأبيض". فتحت باب الغرفة و رمت الثوب بطرف أصابعها ثم عادت لنومها.
انفجرت حناجر وطبول وتعاريج مدوية:
"الصباح صباح ماليه الملحة والستر عليه" .."السروال سلالة من العمة للخالة"
قفزت أمي من مكانها نحو ضجيج الفرحة، تفاجأت بالكل يرقصون بلا عقل ، الكل يزغرد، فراحت ترقص وتزغرد هي الأخرى باندهاش. ارتفع فخدان من السكر فوق صينية نحاسية، نشر عليهما دم سيتسخ كالعادة بغبار دروب الحي.

· You, Nadia Elanaya, Fatima Zohra Riad, Achraf Msiah and 3 others like this.

· ·

Chakib Arij رغم أن القصة يعرفها الجميع إلا أن ريشة السرد الفنية تتجاهل هذا الموقف الذي عادة ما يكون مادة خصبة، من هنا تاتي أهمية هذه القصة التي أخرجت الحدث من طابعه الوثائقي إلى طابعه الفني ولو تكن لتوفق لولا حضور تلك الشخصية الشقية للطفلة التي تمارس نقد الكشف ببراءة..أيضا ما يميز القصة هو خصوصية ومحلية وحميمية الحدث، فهي قصة غير مستوردة. فقط من أجل أن يكون لسرد القاصة كعب عالي أكثر فأكثر أدعوها للاشتغال على اللغة، لأن لغة السرد نسبية ومهما كتبنا بلغة أكثر ايحاء وشعرية وموافقة للمقام إلا وارتفع سقف الابداع. موفقة دائما خديجة.

Tuesday at 2:24pm · · 1

·

Sami Dekaki الأخت المبدعة خديجة المسعودي، أعجبني كثيرا نصك الذي اشتغل بهمة إزميل جادّ في تعرية طبقة الترهلات المحيطة بالعقلية المغربية لاسيما ما يتصل منها بالعادات والتقاليد الاجتماعية المهينة أحيانا كثيرة سواء للمرأة أو للرجل على السواء ما دامت تكشف متحكمات خرافية أو استبدادية تؤطر علاقات الطرفين بينهما من جهة وعلاقاتهما داخل سياق اجتماعي عام من جهة أخرى..قوة النص تكمن في فضح منطق التواطؤ والغش في تصريف اهتجاسات الإنسان المغربي خصوصا ما يتعلق بماء الوجه/دم العذرية، هذا التواطؤ والإيهام هو ما جعل الأم تنخرط في الزغردة والرقص والفرح(المصطنع) حتى وهي تدرك أنّ دم السروال ما هو إلاّ دم مزيف (على الأقل في تلك اللحظة وهو ما يؤشر على أنّ منطق التواطؤ والإيهام سيظل حاضرا حتى ولو لم تكن البنت عذراء بالمرة حيث ستستمر الاحتفالات والزغاريد بمجرد رؤية الدم، أيّ دم)... هي ذي قوة نص المسعودي الذي أأطره في تقديري المتواضع ضمن ما يعرف ب"النقد الاجتماعي": التبئير على ظواهر تهم المعيش الاجتماعي وتفكيكها، ثم إظهار تناقضاتها من خلال إيراد مواقف تتسم بالسخرية، وهذا الأمر هو ما يشكل عمود النقد هنا..نص المسعودي استطاع بإبداعيته تكثيف لحظات التناقض الاجتماعي والسيكولوجي من خلال مواقف الأم كنموذج للمرأة المغربية، وأيضا استطاع الإحالة(وهذا جميل من لدن القاصة لأنها مهمة القارئ التخييلية والبنائية) على براءة الطفلة/الأخت الصغيرة في محاولة الفهم المتولد من الحيرة وعلامات الاستفهام التي يمعن المجتمع المغربي في تفريخها، هذه البراءة التي سوف تبدأ في التلاشي مع ليلة الدخلة هاته، مادام أنّ نفس المصير ينتظر الطفلة في المستقبل( يؤشر على ذلك عنوان القصة بدءا، ويتأكد من خلال المقولات المترددة على لسان النسوة: السروال سلالة من العمة للخالة)، في سياق متصل دائما يتأكد هذا الأمر من خلال الصورة التي قدمت بها القاصة الطفلة وهي تتلصص على العريسين(تمثال من جليد/انتفضت من عز رعشتي الباردة..) وأيضا من خلال خوف الطفلة من الضرب لأنها تعلم مسبقا خطورة و"لا أخلاقية" ما أقدمت عليه من فعل(التلصص) لا يناسب سنها طبعا...هذه مجرد فكار عنّت لي وأنا أستمتع بقراءة هذا النص الجميل للقاصة المبدعة خديجة المسعودي..هناك طبعا بعض الأخطاء لكنها رقانية فقط على ما يبدو..انسيابية السرد في النص تشي بتحكم القاصة في أدواتها ومعرفتها للجغرافيات التخييلية التي تطأها لغتها، كما ينبئ الأمر باحترامها للمتلقي من خلال إشراكه في ابتناء عوالم النص وترك مساحة تخييلية له..وهذا لوحدة كاف لجعلها مبدعة تستحق التحية والاحترام..أؤكد أن النص أعجبني وأود الحديث عنه وتفكيكه أكثر لاسيما ما يتعلق بالجانب النفسي الذي يصنع ظاهرة "التلصصية" بمعناها السيكولوجي كما أوردت القاصة من خلال شخصية الطفلة، وتأثير ذلك على شخصية الإنسان في المستقبل، فأغلب الأمراض النفسية التي تظهر علينا في الكبر نحمل بذورها من الطفولة كام يؤكد على ذلك التحليل النفسي... لكن سأتريث حتى أقرأ المزيد لمبدعتنا...المعذرة قد يبدو في تعليقي هذا ركاكة أو انسجام أو ما شابه..لأني أكتب مباشرة وبعد قراءتي الأولى، وليس هذا دأبي عادة...دمت مبدعة أختي خديجة المسعودي

Tuesday at 2:26pm · · 1

·

Khadija Elmassoudi صديقي شكيب شكرا لقولك الجميل. أحب الكعب العالي جدا ليس لأنني قصيرة القامة فقط هههه ولكن لأن المشي به جد مميز. سأشتغل أكثر على اللغة في النصوص القادمة إن شاء الله و أرجو أن أُوفق

تحياتي

Tuesday at 2:49pm ·

·

Khadija Elmassoudi صديقي سامي تحية عطرة

سعيدة جدا برأيك وتحليلك لمناوشتي بياضا استفزني ذات يوم. قرأت تعليقك وأنا أبتسم. بعد انتهائي، ردد صوت بداخلي :
أسعدي يا فرحي خربشاتي حظيت بإعجاب سامي دقاقي ههههه

أذكر الأخطاء التي وجدتها في النص كي أصححها وأتفادى تكرارها

مودتي

Tuesday at 3:17pm · · 1

·

Mohamed Karroum قلت لك مرة يا خديجة أن نشر نصوصك سيثير ضجة.ها هو سامي يعلن إعجابه بنصك (الأدبي طبعا)

Tuesday at 3:21pm · · 1

·

Khadija Elmassoudi ههههههههه يوم قلت لي أن نصوصي ستثير ضجة "طيرتها مني خلعة "

شكرا ستاذي محمد كروم على تشجيعك الدائم


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أكتب تعليقا مم تخاف؟