في البداية كتب القاص عبد السميع بنصابر نصا ساخرا كالتالي:
في البداية كان حلمه
الوحيد أن يغدو أديبا، بيد أنه خشي أن يصير أضحوكة بين "أدباء" جيله... صال
في الملتقيات وجال في الأماسي، قرأ ما يكتبون، وعاشر معظمهم... أخيرا همس لنفسه:
"آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه"
*ليست قصة قصيرة جدا، مجرد هلوسة لا أكثر
*ليست قصة قصيرة جدا، مجرد هلوسة لا أكثر
وهو نص ماكر يلمح إلى
تواضع الكاتب واستماعه الى إبداعات الآخرين إلى أن يفاجأ بدونيتهم فيجد مبررا لأن
يمد رجليه، وهنا المقصود أن كل كتابة ستصبح لها قيمة بعد أن استباح كتاب القصة
القصيرة جدا حرمات الكتابة، من هذا المنطلق بدأت معالم الهلوسة تتضح وكان ما سمي
بالهلوسة الجديدة جدا.. وتواترت الإبداعات لاذعة ساخرة ..
وفي هذا الصدد كتب شكيب
أريج في افتتاح صفحة المهلوسين:
هـ ق ج
الهلوسة القصيرة جدا..
لنرفرف عاليا
بخيالنا.. لنتخفف قليلا من أعباء وصرامة المقاييس الأدبية.. لن ندعي أننا نكتب قصص
قصيرة جدا ولكن ما قد نكتبه قد يكون أحسن من القج..فإما أن نقج بضم القاف وإما أن
نقج بفتح القاف.. اقرؤونا، فإن لم تفعلواااا...
...
..
...
فإما أن تموتوا..
...
..
..
..
..وإما .
..
...
..
..
..أن تموتوا.
سيذكرنا هذا النسق من الكتابة بالمنيبيات وهي جنيس أدبي
ازدهر أيام سقراط، كان ساخرا ولاذعا وقصير جدا من حيث العبارة طويل جدا من حيث
سلاطة اللسان.
وعن الهلوسة يقول عبد الباسط العموري أحد مؤسسي صفحة
المهلوسين الجدد:
الهلوسة تعرية لحمق الآخر...الهلوسة نظرة فوقية ذوات
تعيش الصراع...الخوف...القلق،يكفيك فيهم ق ق ج / والقاف والجيم أصل ثابث دال
على قج أي الموت المحقق كلما زادت قوة الضعط بالدارجة المغربية ، الهلوسة هي
أن لا تدع قافلة تمر قبل أن تسكت الكلاب النابحة.
ولقراءة
بعض منمنمات الهلوسة القصيرة جدا أدعكم مع هذه النصوص:
- ارتدى معطفا
... وقبعة سوداء....معتمرا مقعده الأزرق...نظر نظرة في المرآة باحثا عن يوئيل رسام.
هلوسة ق جـ/ من المجموعة عندما دنست
تونس
-"حمار الليل"...هو كان له "حمار
النهار"...قام مفزوعا بعد أن تجاوزه القطار...أراد أن يكون كاتبا...فسطر على الورق
"كبتا".
هلوسة ق ج / من المجموعة عندما دنست تونس
هلوسة ق ج / من المجموعة عندما دنست تونس
- كل يوم أكره القص... الوجبات الخفيفة مضرة بالصحة هكذا قال يوما
أحد الأطباء لا أذكر اسمه...على قارعة الطريق طلاسم عليها توقيع غريب ق ق ج...وجبات
خفيفة تصلح أن تكون مرافئ للذباب...كرسي ينعق الفراغ...زرقة السماء تميل للسواد...إنها
لعنة الكبت المنظم.
هلوسة ق ج / من مجموعة عندما دنست تونس
- كانوا ثلاثة
رابعهم قاص رجما بالغيب...تجاسر على الكتابة ... وصاح يا أرض اشتدي فما فوقك قدي...مارت
مورا فإذا به يصيح يا أرض اشتدي فنا تحتك قدي...
هلوسة ق ج/ من مجموعة عندما دنست تونس.
وكتب القاص المبدع عبد السميع بنصابر بدوره
هلوسات قصيرة جدا فنقرأ له:
أجرى معه صحفي حوارا، لكن صاحبنا نشره في
منابر كثيرة حتى أنه تجاوز الصحفي في نشره، نزع الصحفي بذلته الإعلامية وقدمها
لأدبينا... وفي زاوية من الشارع كان الصحفي جالسا القرفصاء مفكرا في مهنة جديدة.
- تمخض الجبل فولد
قصصا قصيرة جدا.. عندما تحسسوا صخور الجبل وجدوها ركاما من "الفرشي"
- أحس بوجع في
بطنه، توجع كثيرا ثم أصيب بإسهال حاد، في الصباح عثروا تحت فراشه على قصص قصيرة
جدا، فجأة هرع الناقد إلى صاحبنا حاملا خرقا نقدية ليمسح ما يمكن مسحه..
وكتب شكيب أريج هلوساته الآتية:
- في غمرة
انشغالهم بالتكاثر الطوفاني، توقف زعيم ياجوج وماجوج لحظة..هاله ما رآه، سقط في
يده ومن يده.. ضربا يدا بيد وأشار لياجوج وماجوج بالتوقف..اكتفى بأن أشار لهم إلى
كتاب القصة القصيرة جدا قائلا: إنهم قادمون.
هلوسة
قصيرة جدا من مجموعة " الشعب يريد.. الدجاج والفريت.
- لم يجد الكاتب ورقا كافيا
لتسطير قصصه اشترى ملفوف ورق مرحاض، وظل يكتب ويكتب ويكتب قبل أن ينتهي جاءت خرية
كبيرة مسحت به الحائط وسكبت وراءه سطلا من الماء.
هلوسة ج ج- من مجموعة "الشعب يريد.. الدجاج
والفريت"
هكذا يصر المهلوسون الجدد على استباحة الكتابة
نكاية في الكتابة المصابة بالإسهال والاستسهال، وفي نفس الوقت الإعلاء من قيمة
الكتابة العفوية المصابة بالجنون التي لا تتمترس خلف التحذلق والتزحلق وكافة
الألاعيب الأكروباتية ..إن المهلوسين الجدد مصرون على إخلاء خشبة الكتابة من أنصاف
الكتاب وطريقتهم الاحتجاجية هي دعوة كل الجمهور للهلوسة وارتقاء ركح الكتابة إلى
حين مغادرة جوقة الطبالين والزمارين والممثلين الفاشلين خاسئين مدحورين غير ملومين..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أكتب تعليقا مم تخاف؟