المهلـــــــوســــــون الـــــــجدد

السبت، 13 أغسطس 2011

رواية '' أين أبي؟" لمحمد اجكنور: الرواية الجنوبية في خطواتها الأولى


رواية '' أين أبي؟"1 لمحمد اجكنور:
 الرواية الجنوبية في خطواتها الأولى


نادرة هي المتون السردية الروائية في الجنوب المغربي، لذلك فإن كل متن لكاتب جنوبي هو لبنة أولى وخطوة أولى في الظلام. وفي مدينة ورززات لا أعرف على حد علمي المتواضع أديبا اجترأ على الكتابة الروائية سوى المبدع ادريس الجرماطي. لتكون رواية '' أين أبي؟'' لمحمد اجكنور واحدة من أولى الروايات في هذا الصقع العزيز.
وهي رواية صدرت سنة 2006 من الحجم المتوسط، يتوسط غلافها صورة فوتوغرافية لدرب معتم في البادية المغربية ينتهي الدرب بضوء الشمس.
''أين أبي؟'' هو عنوان بصيغة درامية يحيل على حبكة الرواية التي ارتكزت على فداحة ما تؤول إليه العلاقات اللاشرعية في مجتمعات محافظة، ويبدو أنه بناء كلاسيكي مالوف في المسلسلات المكسيكية.
وحتى لو اجتهدنا في قراءة متفاعلة '' بإعادة ترتيب ما اختلط من علاقات، وما تشابك من أحداث بطريقة أخرى.."2  فلا أعتقد أن لذة القراءة حاصلة، فصوت السرد يعلو ولا يعلا عليه إلى الحد الذي يجعل الكثير من مقاطع الرواية تغدو عروضا مسرحية، فالفصل رقم3-دم الغدر-3 مثلا لا تنقصه إلا الستارة. ونقرأ في الفصل رقم 14-العام زين-4 سيل من المواعظ لا تتوقف إلا بعد استغراق صفحتين : " كفاك سخافات أيتها المشؤومة، واعلمي أنك مسؤولة(...) تحملي مسؤولية ما أقدمت عليه، هذا يكفي الآن، فغلى غشعار آخر" 5.
إن الوصاية التي يفرضها الكاتب لا تكاد تخبو إلا نادرا، ومن هذاا النادر رواية الحسن لرؤياه 6 فهو يكشف بنفسه عن سوء فهمه للدين، دون تدخل مباشر لإبداء وجهة نظر أوتعليق أو تعقيب أو تصويب.
وإذا كانت مسرحة السرد أمرا مخلا بالبناء الروائي فإن مسرحة اللغة تجعل الأسلوب متعاليا طاووسيا محشوا بالكثير من المفردات الغريبة ( قسبا- أفقعت- جعثن- مغدودن- شعفة...) وظهور هذه المفردات واختفاؤها يعطي انطباعا بالتصنع وتعمد استعراض إن دل على شيء فهو يدل على إمعان الأسلوب في التحلي بأقنعة الماضي.
لقد حاولت رواية " أين أبي؟" أن تكون "امتدادا للحياة في أبعادها الواقعية والتخييلة، استكناه لأغوار النفس البشرية في تفاعلاتها الإيجابية والسلبية مع المحيط "7 وهو طموح مشروع نشاطر الكاتب فيه لولا أن النفس الروائي خان صاحبنا، لكن هذا المشعل الذي أشعله في أرض ليس لها سابق عهد بكتابة الرواية سيحمله عنه فرسان أخر سيعيثون في الكتابة الروائية إبداعا.
لقد سارت كتابات أدباء الجنوب الرائدة في الرواية على غرار الأعمال الروائية الرائدة في المشرق عن قصد أو عن غير قصد، فإن كانت رواية (زينب) لهيكل انطلقت من بيئة بدوية فإن فضاء رواية "أين أبي؟" هو أيضا فضاء بدوي بامتياز يتصل بالأب الشيخ المتعدد الزيجات وبفقيه الدوار والأبناء الذين هاجروا إلى مدن الداخل والخارج.
إدريس الجرماطي هو الآخر اختار فضاء البادية العذري لروايتيه رحلة السراب وعيون الفجر الزرقاء. أما عبد العزيز الراشدي فروايته "بدو على الحافة" لا تخفي ذلك الإنصهار بفضاء البادية الهامشي، خاصة إذا ارتبط بسحر وحكايا الصحراء. وها هو محمد كروم ينسج على نفس المنوال فيكتب "بادية الرماد" ليؤكد أن الرواية الجنوبية هي رواية بدوية بامتياز.

1- "أين أبي؟" محمد اجكنور- ط1 مارس 2006- مطبعة Publisud
2- أين أبي؟- مقدمة لإبراهيم أيت المعلم- ص04
3- نفسه- ص21
4- نفسه- ص77
5- نفسه ص48-ص85
6- نفسه - من ص27 إلى 35
7- نفسه- التقديم- ص02

شكيب أريج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أكتب تعليقا مم تخاف؟