المســخ الثقافــي
صلاح بوسريف
ليس من قبيل الصُّدْفَة أن يقوم مجموعة من الكُتَّاب والمثقفين المغاربة الشباب بإنشاء صفحة على الفايسبوك، لفضح الفساد الثقافي في المغرب، وما أصبح سائداً من سلوكاتٍ، أساءت كثيراً للمثقفين وللعمل الثقافي بشكل عام.
أوافق شخصياً على كل ما فضحوه من سُلوكات، وهو مما كنتُ دائماً أكتبُه وأقوله، وأعمل على رفضه، باعتباره عملَ مافْياتٍ وميلشيات، وليس عمل مثقفين ومؤسسات ثقافية. ثمة أشخاص وضعوا يدهم على كل ما يعني الشأن الثقافي، وفرضوا هيمنتهم على الجمعيات الثقافية والفنية، وهم أيضاً من كانوا مُهَيْمِنِين على قرارات وزارة الثقافة، وعلى فعَّاليات المعرض الدولي للكِتاب، وكانوا يُقَرِّرُون في السفريات، وفي طبيعة المشاركين في " أنشطة " هذه المؤسسات، بما في ذلك دورهم في تزوير جائزة المغرب، وأعني جائزة الشِّعر بشكل خاص، حين تَمَّ حَجْبُها مرَّتَيْن، لا لشيء، إلاَّ لتزوير النتيجة وقلب الحقائق، ورفض وصول الجائزة لمن ليسوا طَيِعِين، أو من اختاروا أن يكونوا أحراراً، بعيدين عن سلوكات هذه المافيات أو المليشيات الثقافية، التي كانت سبباً رئيساً في إفساد المشهد الثقافي وتزويره.
ليس مقبولاً تلميع أسماء مقابل أسماء أخرى، وليس مقبولاً أن يحدُثَ تبادُل المواقع من قِبَل نفس الأشخاص، ليس بالانتخاب، أو الاحتكام للقاعة، بل بالتعيين، وبطبخ النتائج وفق منطق الأغلبية العددية التي هي دائماً في يَدِهِم، ليس لأنهم يملكون قدرة خارقةً على التسيير والتدبير، فقط، لأنَّ هذه الأغلبية العددية، هي في أساسها عضويات ممنوحة، وليست عضويات مُسْتَحَقَّة. فهي تُمْنَح للتَّابعين و الموالين، وتُمنع على غيرهم ممن لهم رأي، ويرفضون تسخير فكرهم لتزوير الحقائق، أو لقتل غيرهم ممن انتصروا للاختلاف وحرية التفكير والقرار.
حدث هذا في اتحاد كتاب المغرب، كما حدث في بيت الشِّعر، وهو ما يحدث في غيرهما من الجمعيات التي تمَّ اسْتِحْدَاثُها لوضع اليد على كل ما له صلة بالشأن الثقافي والفني.
انتفاضة هؤلاء الشبان، هي انتفاضة أجيال جديدة وجدت نفسها أمام مليشيات، تمنعُها من ممارسة حقها في الكتابة والتفكير، ومن حقها في نشر ما تكتبه، أو من الحضور في اللقاءات التي أصبحت محصورةً في زُمِرَة من الأشخاص، هم من يتركون المنصة اليوم ليعودوا لها غداً، أو لا يتركون طائرةً إلاَّ لرُكُوب أخرى، دون أن يُدْرِكُوا أنَّ كل هذا ضِدَّهُم، وهو مما أصبح مفضوحاً معروفاً، ما دفع هؤلاء الشبان يعملون على فضح الإمبراطور، الذي هو يعرف هذه المرة أنه عارٍ، لكنه لا يريد أن يُسَلِّم بعرائه.
كفى من كل هذا الاستهتار بالعقول والأفكار، وهذا اللعب على كل الحبال، وهذا المسخ الثقافي الذي أسأتُم به للجميع، فأصبح المثقف يبدو فاقداً للمعنى، أو لا يكتب ويتكلم إلاَّ ليصير رجل سلطة، كما فعلتُم أنتم، وهذا أقصى ما سعيتُم له.
وأود أن أقول لهؤلاء الشبان، إنَّ الطريق إلى المعرفة، هو القراءة والبحث والتأمُّل والانتصار للإبداع والخلق، لا لترقيع الجُمَل، أو نَسْخها بطريقة عمياء جاهلة. فالكتابة ليست أمراً أو قراراً، يصدر عن هذه الجهة أو تلك. أن تكون كاتباً هذا يعود لك، ولقدرتك على المواجهة والسير في الطُّرُق الوعرة، دون أن تلتفت لِما خلفَك من نُباح.
صلاح بوسريف
ليس من قبيل الصُّدْفَة أن يقوم مجموعة من الكُتَّاب والمثقفين المغاربة الشباب بإنشاء صفحة على الفايسبوك، لفضح الفساد الثقافي في المغرب، وما أصبح سائداً من سلوكاتٍ، أساءت كثيراً للمثقفين وللعمل الثقافي بشكل عام.
أوافق شخصياً على كل ما فضحوه من سُلوكات، وهو مما كنتُ دائماً أكتبُه وأقوله، وأعمل على رفضه، باعتباره عملَ مافْياتٍ وميلشيات، وليس عمل مثقفين ومؤسسات ثقافية. ثمة أشخاص وضعوا يدهم على كل ما يعني الشأن الثقافي، وفرضوا هيمنتهم على الجمعيات الثقافية والفنية، وهم أيضاً من كانوا مُهَيْمِنِين على قرارات وزارة الثقافة، وعلى فعَّاليات المعرض الدولي للكِتاب، وكانوا يُقَرِّرُون في السفريات، وفي طبيعة المشاركين في " أنشطة " هذه المؤسسات، بما في ذلك دورهم في تزوير جائزة المغرب، وأعني جائزة الشِّعر بشكل خاص، حين تَمَّ حَجْبُها مرَّتَيْن، لا لشيء، إلاَّ لتزوير النتيجة وقلب الحقائق، ورفض وصول الجائزة لمن ليسوا طَيِعِين، أو من اختاروا أن يكونوا أحراراً، بعيدين عن سلوكات هذه المافيات أو المليشيات الثقافية، التي كانت سبباً رئيساً في إفساد المشهد الثقافي وتزويره.
ليس مقبولاً تلميع أسماء مقابل أسماء أخرى، وليس مقبولاً أن يحدُثَ تبادُل المواقع من قِبَل نفس الأشخاص، ليس بالانتخاب، أو الاحتكام للقاعة، بل بالتعيين، وبطبخ النتائج وفق منطق الأغلبية العددية التي هي دائماً في يَدِهِم، ليس لأنهم يملكون قدرة خارقةً على التسيير والتدبير، فقط، لأنَّ هذه الأغلبية العددية، هي في أساسها عضويات ممنوحة، وليست عضويات مُسْتَحَقَّة. فهي تُمْنَح للتَّابعين و الموالين، وتُمنع على غيرهم ممن لهم رأي، ويرفضون تسخير فكرهم لتزوير الحقائق، أو لقتل غيرهم ممن انتصروا للاختلاف وحرية التفكير والقرار.
حدث هذا في اتحاد كتاب المغرب، كما حدث في بيت الشِّعر، وهو ما يحدث في غيرهما من الجمعيات التي تمَّ اسْتِحْدَاثُها لوضع اليد على كل ما له صلة بالشأن الثقافي والفني.
انتفاضة هؤلاء الشبان، هي انتفاضة أجيال جديدة وجدت نفسها أمام مليشيات، تمنعُها من ممارسة حقها في الكتابة والتفكير، ومن حقها في نشر ما تكتبه، أو من الحضور في اللقاءات التي أصبحت محصورةً في زُمِرَة من الأشخاص، هم من يتركون المنصة اليوم ليعودوا لها غداً، أو لا يتركون طائرةً إلاَّ لرُكُوب أخرى، دون أن يُدْرِكُوا أنَّ كل هذا ضِدَّهُم، وهو مما أصبح مفضوحاً معروفاً، ما دفع هؤلاء الشبان يعملون على فضح الإمبراطور، الذي هو يعرف هذه المرة أنه عارٍ، لكنه لا يريد أن يُسَلِّم بعرائه.
كفى من كل هذا الاستهتار بالعقول والأفكار، وهذا اللعب على كل الحبال، وهذا المسخ الثقافي الذي أسأتُم به للجميع، فأصبح المثقف يبدو فاقداً للمعنى، أو لا يكتب ويتكلم إلاَّ ليصير رجل سلطة، كما فعلتُم أنتم، وهذا أقصى ما سعيتُم له.
وأود أن أقول لهؤلاء الشبان، إنَّ الطريق إلى المعرفة، هو القراءة والبحث والتأمُّل والانتصار للإبداع والخلق، لا لترقيع الجُمَل، أو نَسْخها بطريقة عمياء جاهلة. فالكتابة ليست أمراً أو قراراً، يصدر عن هذه الجهة أو تلك. أن تكون كاتباً هذا يعود لك، ولقدرتك على المواجهة والسير في الطُّرُق الوعرة، دون أن تلتفت لِما خلفَك من نُباح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أكتب تعليقا مم تخاف؟